الخميس، 8 سبتمبر 2011

(( ضروسك ,, أهم من دروسك ))


(( ضروسك ,, أهم من دروسك ))


يا بني ,, كم تعلم ,, أو كما سوف تعلم ,, فأن أباك قد أجرى في نهاية العام 2009 عملية جراحية تصنف ضمن العمليات الكبرى والخطيرة ,, وهي عملية تحويل مجرى المعدة ,, وقد عانى أباك كثيراُ في الأيام الخمسة التي تلت العملية ,, وتحمل الآلام  لا يمكن وصفها ,, وأضحى حينها وكأنه خارج من الموت .




كان والدك يعتقد بأن تلك الآلام هي أصعب ما قد يمر عليه طوال حياته ,, ولكنه تناسى بأن هنالك الآلام لا يمكن تحملها ,, لدرجة أنها تجعلك تتمنى الإغماء أو فقدان أحد حواسك على تحمل تلك الآلام .



وعلى حسب ما أخبرني صديقي الدكتور أبو سالم ,, بأن الآلام التي لا يمكن تحملها هي أولاُ الآلام الكلية (( كفانا الله شرها )) وثانياُ الآلام الضرس وخصوصاً مكشوفة الأعصاب ,, وهي ما مررت به قبل أسابيع خلت .



داهمتني تلك الآلام وأنا أشد رحالي إلى دولة الكويت الشقيقة مع أصدقائي ماجد عبدالله وسعود بن ناصر ,, منذ خروجنا من الدمام ,, وحتى وصولنا لمدينة الخفجي المجاورة لدولة الكويت الشقيقة .

لا أستطيع أن أنسى تلك الرحلة المؤلمة والذكرى القاسية ,, فكنت من شدة الألم أتمنى أن أفتح باب السيارة التي كانت تسير 160 كم/ث ,, كنت أتمنى فتح الباب ووضع محياي على الإسفلت ,, وأجعلك ذلك الإسفلت يحرق ضروسي حتى أصبح بلا ضروس ,, وبلا الآلام .


وصلنا الكويت ,, ولم أستطع أداء صلاة ألجمعه بسبب تلك الآلام ,, ولم أستمتع بالصعود إلى الأبراج لأن الآلم حينها أرتفع عالياُ حتى أعتلى بمرارته تلك الأبراج .



ذهبنا إلى احد المجمعات التجارية ((الافينوز)) وكنت أنا بفضل ذلك الضرس نقطة الضعف لأصدقائي ,, لأنني كنت ممسكاُ بخدي الأيمن طوال تواجدنا في ذلك المجمع وكنت كثير التذمر والتشكي ,, حتى قام أحدهم بشراء حبوب مخدرة لألام الضرس ,, ولكنها كانت بدون جدوى بعد أن ابتلعت نصف الحبوب في تلك العلبة .


ومن ثم ذهبت إلى نفس تلك الصيدلية ,, وطلبت منهم مخدر للجسم ,, في محاولة بائسة وأخيرة لطمس وتخدير تلك الآلام ,, حتى لو كانت النتيجة تخدير جسمي كلياُ . 


والحمدلله نجحت المحاولة الأخيرة ,, واستطعت التغلب على تلك الآلام ,, وذلك بعد ما تمكن النوم مني ,, وقضيت ساعتين من وقتنا في ذلك المجمع نائماُ في حضن الأصدقاء كطفل يتيم تعب من كثرة البكاء .


بعد إفاقتي من سباتي ,, ومعرفتي للوقت ,, اعتذرت من أصدقائي على ضياع ساعتين من وقتهم في تبادل أدوار تحمل رأسي الثقيل .


ما أن أرتشفت كوب القهوة حتى عادت الآلام مجدداُ ,, ولم أنزعج كثيراُ هذه المرة لأني أعتدت على تلك الآلام ,, وقررنا العودة للسعودية حتى أستطيع علاج ذلك الضرس ,, الذي جعلنا نمكث في دولة الكويت أقل من سبع ساعات ,, أهدرتها في التشكي والتذمر من ذلك الضرس .


بعد تلك الرحلة ,, كيف تتوقع يا بني أن ينسى والدك أهمية المحافظة على نظافة وسلامة الأسنان ؟؟


في ذلك اليوم وعلى طريق العودة للسعودية من أرض الكويت ,, دارت في بالي عدة أمور أبرزها : 
** من السبب في ما حدث لي ؟؟ هل هو أنا ,, هل هو والدي ,, هل هي والدتي ,, هل هي المدرسة ومعلميها ,, هل هو المجتمع ,, أم هل هي البيئة البدوية التي نشئت في كنفها ؟؟



** تباُ لجميع أنواع الحلوى لأنها كانت السبب في جميع تلك الآلام 



** المغفل مثل والدك هو الذي يضيع ساعتين من وقته في متابعة مباراة في كرة القدم ,, بينما يتناسى ويتكاسل عن تنظيف أسنانه مرتين في اليوم وقد لا تكلفه من الوقت دقيقتين بعد الإستقياظ صباحاُ ,, ومثلها قبل النوم  مساء 



** لو كنت أعلم بأن ألم أعصاب الضرس كذلك الألم الذي شعرت به ,, والله أنا على أتم الاستعداد لتنظيف أسناني خمس مرات في اليوم ,, بشرط أن لا أجرب ذلك الألم مرة أخرى .




الحمدلله قمت بزيارة دكتور الأسنان في اليوم التالي لعودتي من الكويت ,, وأخبرني بأن جميع أسناني في صحة جيدة ,, باستثناء ضرس أستحله السوس ,, حتى باتت الأعصاب التي تقع تحت ذلك الضرس مكشوفة ,, مما أدى لوقوعي في تلك الألام كل ما تناولت شيء ,, أو شممت شيء ,, أو حتى بمجرد فتح فمي للتنفس .


قمت بإصلاح ذلك الضرس ,, ولم أكتفي بذلك بل قمت بنصح جميع أصدقائي بموضوع الاهتمام بالضروس ,, وأصبحت في تلك الفترة مهووس للكشف على سلامة أسنان أصدقائي وأقاربي ,, واكتشفت لسوء الحظ أن أسناني أفضل واسلم من جميع الأسنان التي رأيتها .


أكتب هذا الموضوع وأنا أتذكر تعصر قلبي ألماُ مساء الأمس بعد رؤيتي لوالدتي وهي تتألم بسبب أحد الضروس (المنتهيه) لديها ,, ولقد أعطيتها العذر كل العذر عندما كانت تشكو لي وتطلب مني البحث عن أي مستشفى أسنان مفتوح ,, حتى ولو كانت الساعة عندها تشير للواحدة فجراُ .


لذلك يا بني ,, أنا أعدك بأني سوف أهتم بضروسك أكثر من اهتمامي بدروسك ,, لأنني لا أتمنى أن تعاني من الذي عانيت منه .



عن أذنكم ,, بروح أدلك أسناني ,, لأنه أقترب موعد نومي .

فتكم بعافية 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق