الأحد، 4 مارس 2012

(( يا بني كُن صديقي ))






(( يا بني كُن صديقي ))




في عام 2005 لا أزال اتذكر مكالمتي لصديق العمر سلطان الرويلي ,, تلك المكالمة الوداعيه لصديقي سلطان والتي كنت أبكي فيها وكأنني سأفقد سلطان الى الأبد ,, سلطان ذلك الصديق الذي جمعتني به صلة القرابة قبل أن تجمعني به صداقة الطفولة .
لم أنسى ما قاله لي سلطان في ذلك المساء الذي كان سوف يغادر فيه بلادنا معلناُ وصوله الى بلد الخمسين ولاية ,, الولايات المتحدة الأمريكيه لأكمال دراسته هناك ,, قال لي سلطان بالحرف (( مشكلتك يا عقيل أنك ما تشوف غيري صديق ,, لو فتحت عينك أكثر راح تلقى مثلي كثير من اللي راح تسعد بصداقتهم ,, بس أنت حاول ))
غادر سلطان هذه البلاد ,, تاركاُ خلفه تلك النصيحة التي لم ألقي لها بال ,, لأنني لم أكن أتوقع بأنني سوف أجد صديق ورجل بحجم روعة ذلك السلطان .




بعد شهور و في قسم الحاسب الآلي في الكلية ,, تواجدت أمام مختبر الحاسب الآلي قبيل حضور المدرس بدقائق ,, وكذلك فعل ما يقارب عشرون طالب مستجد .

كنت في تلك الفترة أعتقد بأنني لست بحاجة للتعرف على أصدقاء جدد ,, لأنني كنت أؤمن بأنني أن وجدت الزميل المحترم والمناسب ,, فأنني لن أجد ذلك الصديق الذي يعوض رحيل سلطان من حياتي مؤقتاً .

أمام قاعة الحاسب الآلي لاحظت نظرات شاب يبدو من مظهره بأنه ملتزم ,, كان ينظر إلي بين كل فينة وأخرى ,, لم تعجبني تلك النظرات ,, وبيني وبينكم سبب عدم إعجابي بتلك النظرات هي اعتقادي بأن ذلك الشاب الملتزم إنسان نكدي ,, ومن الفئة التي تعشق النصح بشكل مبالغ فيه ,, ومن الفئة التي تعتبر كل شيء محرم وغير جائز .

أعذرني يا بني على كلماتي ووصفي ,, فوالدك في تلك الأيام كان يمتلك من الغباء والعنصرية حينها ما يكفي لسد جوع حشد من الفارغين عقلياُ .

في تلك الأيام كان ذلك الشاب عند مروره بي يقوم بالسلام علي ,, وكأنه يعلن بأنه يريد الحديث معي ,, لذلك كنت اكتفي برد السلام عليه بصوت خفيف ,, ومن ثم المغادرة إلى أي جهة بعيدة عنه ,, لأني لست على استعداد للتعمق في معرفته ,, أو للسماح له بالتعمق في معرفتي .

بعد مضي أسابيع على تواجدي في تلك الكلية ,, قمت بالتعرف على بعض الزملاء المستجدين ,, وكنت أقضي فترة الأستراحه الصباحية بين المحاضرات بالإفطار معهم في كافتيريا الكلية .

في أحد الأيام ذهبت إلى الكافتيريا ,, وفوجئت بأن ذلك الشاب المتلزم متواجد مع الزملاء ,, أخفيت امتعاضي من تواجده ,, سلمت عليه ,, وجلست أتناول إفطاري معهم .

كان ذلك الشاب يناقش احد أصدقائي في احد المواضيع ,, كنت مجرد مستمع ,, لأنني لا أود الخوض مع ذلك الملتزم بأي نقاش .

فوجئت عندما كنت أستمع إلى كلمات ذلك الملتزم وأرائه وتحليلاته للأمور ,, كانت كلماته وانطباعاته نفس الذي يدور في مخيلتي ,, كانت نسخ كربونية ,, وكأنه كان يقوم بقراء ما بداخل عقلي ويقوم باإلقاءه إثناء نقاشه .
ذلك النقاش وتلك الانطباعات التي سمعتها من ذلك الملتزم جعلتني أفتح قلبي له وأرحب بوجوده في حياتي .

بعد عدة اجتماعات دارت في أيام وأسابيع ذلك الفصل الدراسي ,, تعمقت الصداقة بيني وبين ذلك الشاب الملتزم ,, حتى أنني تواجدت في منزله في نهاية ذلك الفصل رغم بعد المسافة بين منزلي ومنزله التي تقدر بأكثر من 25 كم .

في تواجدي الأول في ذلك المنزل كانت السعادة تغمر صديقي على تلبيتي لدعوته وتناول العشاء في منزله ,, شعرت بالراحة في منزله وكأنني في منزلي .

وفي أول أجازة دراسية افتقدت لصوت ذلك الصديق ,, الذي لم أحادثه منذ أيام بسبب تواجده في جنوب المملكة رفقة أهله وذويه ,, قمت بالاتصال عليه ,, ولا أنسى أنني حادثته في ذلك المساء على هاتفي المحمول في أطول محادثه هاتفيه عرفها تاريخي لمدة تجاوزت الساعتين .

مرت الأسابيع والشهور على معرفتي بذلك الملتزم ,, وكانت العلاقة في تزايد مستمر .

في الفصل الدراسي الخامس كان صديقي الملتزم يقوم بالتطبيق العملي في إحدى الشركات ,, بينما كان من المفترض علي إن أقوم بإعادة دراسة بعض المواد التي رسبت فيها في الفصل الدراسي الرابع .
في تلك الفترة كنت لا أملك سيارة بسبب التلف الذي حدث لسيارتي بعد حادث شنيع وقع في تلك الأيام ,, وكانت حالتي المادية غير مهيأة جداُ لتحمل مصاريف الوجبات و أجرة التاكسي الذي سيقلني من وإلى المنزل .

لذلك اتخذت قرار بعدم دراسة ذلك الفصل الدراسي ,, وتأجيله حتى تتحسن الأمور والأوضاع لدي .
بعدما علم صديقي الملتزم بما نويت فعله ,, حاول أن يثني قراري بتأجيل دراسة المواد التي رسبت فيها ,, حاولت إقناعه ولكنني فشلت بعدما قال لي بالحرف ( أنت أدرس هذا الفصل وأنا راح أتكفل بتوصيلك من والى البيت )

لم يكن بوسعي أن أرفض لصديقي المتلزم أي طلب ,, خصوصاُ أنه هذا الطلب يعتبر الطلب الأول منه لي .

في ذلك الصيف شديد الحرارة كنت أتألم كثيراُ وأنا أرى صديقي ينتظرني بسيارته القديمة أمام مخرج الكلية والعرق يتصبب من جبينه وذلك لأن التكييف في سيارته معطل .

كانت محاضراتي تنتهي في تمام الساعه الثالثة والنصف ,, وكانت فترة تطبيق صديقي تنتهي في تمام الساعة الثانية والنصف ظهراُ ,, لذلك كان يقضي ما يقارب 30 دقيقه بانتظاري في ذلك الحر الشديد .

لم ينتهي جميله عند ذلك الحد يا بني ,, بل أنه كان يتواجد في كل صباح في تمام الساعة التاسعة صباحاً ليقلني لكي نذهب للإفطار سوية ,, رغم بعد المسافة بين الشركة التي يطبق فيها بشكل عملي ,, وبين مقر الكلية التي كنت أدرس فيها .

سوف أكذب أن قلت بأنني اجتهدت في ذلك الفصل الدراسي من أجل نفسي ومن أجل مستقبلي ,, لأنني كنت أبذل قصارى جهدي في التعلم والمذاكرة بمجرد مرور منظر صديقي وهو مستلقي في سيارته ظهراُ والعرق يتصبب من جبينه .

نعم يا بني ,, والدك درس ثلاثة فصول دراسية من أجل مستقبله ,, وفصل دراسي رابع من أجل صديقه الذي كان يكرهه .

لذلك الصديق وقفات كثر ,, في الضيق أجد نفسي أحادثه ليواسيني ,, وفي وقت الغضب أجد نفسي أحادثه أيضاُ ليخفف غضبي ,, وفي وقت المشاكل والمصائب أجد نفسي أحادثه لأخذ آراءه والاستماع لحلوله ,, وفي وقت الحاجة المادية كنت لا أتردد في طلب السلف والعون منه .

يعلم الله يا بني أن ذلك الصديق لم يرد والدك في أي طلب طلبه منه ,, إلا في ما كان لا يرضي الله ولا رسوله .
يعلم الله يا بني أنني لو خيرت بين شهادة الكلية التي أمضيت فيها قرابة أربع سنوات من عمري ,, لو خيرت بينها وبين صداقة ذلك الشاب لاخترت صداقته ولأمسكت بالشهادة وقمت بإحراقها في سبيل استمرار صداقتي مع ذلك الشاب .
يعلم الله يا بني أن الرب وهبك عماُ لم تلده جدتك وهو ذلك الشاب الذي يدعى بمساعد الغامدي
 .


ذلك الشاب الوحيد الذي أجبرني على التمرد على مشاعري وحيائي عندما قلت له عندما أوصلني للمستشفى لأجراء عملية خطيرة جداُ ,, قلت له بلساني (( أنت أخوي اللي ما جابته أمي ,, والله لو لي عمر ثاني ,, والله لأعيشك مرتين )) قلتها له بلساني ,, ودموعي التي كانت تطل من نافذة عيني هي شواهد على حقيقة تلك الكلمات التي خرجت من القلب .


لذلك يا بني أحرص على الصحبة الصالحة وحاول أن تتمسك بها أشد التمسك ,, فقد يرزقك الرب بصديق يكون لك بمثابة الأخ التي لم تلده أمك .

لذلك أعلم يا بني بأن الحب يكمن في الصداقة ,, فالزوج لا يمكن أن يحب زوجته بدون أن يكون صديقها وتكون صديقته ,, والابن لا يمكن أن يحب والده دون أن يكون والده هو صديقه ,, وكذلك البنت ووالدتها وقس على ذلك باقي العلاقات .

لذلك يا بني عندما تسمعني أناديك يا صديقي فأعلم بأنني أقول لك يا حبيبي ,, لأن الصداقة باختصار هي الحب بالنسبة إلي .

لذلك يا بني ,, لا تحكم على الناس من مظاهرهم ,, لأن حكمك نهايته الفشل الذريع ,, فكم من قصر يطارد أصحابه الهم والتشتت ,, وكم من خيمة وبيت صغير يوجد بداخله السعادة والحب .

لا تظلم شخص بسبب مظهره أو نسبه أو حالته المادية,, وتأكد بأنه حتماُ يوجد قاسم مشترك بينك وبين أكثر الناس اختلافا معك في الرأي والمعتقد .


أتمنى يا بني أن يرزق الله صديقي مساعد دوام الصحة والعافية ,, حتى تتعرف عليه وتلتقي به ,, وتعلم مدى روعة ونبل ذلك الإنسان .
سوف تتأكد يا بني أن الله يحب والدك كثيراُ ,, لذلك أختار له مرافقة ذلك الصديق ,, وتأكد بأن والدك محظوظ في معرفة الكثير من الأصدقاء المتميزين والرائعين .

لا تغرك لحية توجد على محيا شخص ما << أكتب هذه الكلمات وأنا أتذكر ذلك الشخص الملتحي الذي سمعته يتفوه بكلمات تغزل لأحدى الفتيات في احد المجمعات قبل ايام مضت  ,, ولا تغرك أبتسامه زرعت على محيا جميل قد يكون يحمل الآلام بداخله ,, أو قد يخفي وراء تلك الأبتسامه نوايا خبيثة لك ,, ولا تغرك سيجارة أبتلى بها شخص طيب القلب وصافي النوايا لم تسعفه عزيمته على الأقلاع عن التدخين .

لا يغرك أي شيء يا بني ,, عاشر الناس قبل أن تطلق أحكامك عليهم ,, فليس كل ما يلمع ذهباُ ,, وليس كل قطعه سوداء فحماُ ,, قد تكون تلك القطعه حجراُ كريماُ .

ولذلك قال الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام هذا الحديث في اثر الصديق الصالح ((“إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما ان تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم”))

ولذلك قال احد الشعراء هذه الكلمات في الصداقة (( صديقي الي لاحضر مانمله ... وغيابه يضيق علينا الوسيعه
شوفه يداوي القلب من كل عله ... وبعده يضر القب مانستطيعه
له منزل بالقلب محدٍ وصل له ... محبة في الله رب الشريعة
لا غاب مابه من يحل بمحله .. الخلق طيب والمنازل رفيعه
 ))
القصيدة يوتيوب

ولذلك قال الشاعر صالح الشادي : لي مبادي ..
وصاحبي .. لوجار منه الجور .. عادي
وصاحبي .. لو هو قتل ذكراي .. عادي
وصاحبي .. لو هو بِخل بِرضاي .. عادي
وصاحبي ..
يبقى العزيز الناصع اللي له ودادي

ودام أنا ستره وثوبه ..
صاحبي .. ما أقول : عنه أبداً ، وتوبه ..
يا هلا به ..
وبعيوبه ..
وبذنوبه ..
يا هلا .
إن وصلني .. ياهلا .
وإن قطعني .. يا هلا .
صاحبي وإلا فلا .
والغلا نعمة كريم ..
وساقها لكلّ الملا 
.))

أخيراُ أحمد الله الذي رزقني بصحبة ذلك الشاب والذي أضيفه الى قائمة الأخوة التي لم تلدهم أمي بالأضافة الى سلطان الرويلي وباقي الاصدقاء .
كذلك اخيراُ سوف أدعي لك الله يا بني أن يرزقك بالصحبة والأصدقاء الأخيار ,, وبأذن الله سوف أكون حريص على ذلك قدر استطاعتي .













الجمعة، 23 سبتمبر 2011

(( يابني كن سمحاُ ))

(( يابني كن سمحاُ ))



كانت تقف تلك السيدة التي تخطت حاجز الخمسة والثلاثين من عمرها ,, أمام المحاسب في ذلك المحل التجاري ,, لتقوم بمحاسبة الأغراض التي يحتاجها منزلها .
وقفت أمام ذلك المحاسب ,, وبعد أن عرفت قيمة مشترياتها بادرت بسؤال ذلك الشاب :
الزبونة : بكم كيلو البرتقال عندكم ؟؟
المحاسب : الكيلو بثلاثة عشر ريال يا خاله .
الزبونة : وجع وجع ,, ليه انتو غاليين ,, السوبر ماركت الثاني يبيع الكيلو بعشر ريال .
المحاسب : طيب روحي أشتري من عندهم .
الزبونة : من طلب رأيك ؟؟ أمسك الفلوس ولا تكثر بربره .

قامت تلك السيدة برمي ورقة نقدية من فئة مائة ريال على ذلك المحاسب ,, وسقطت تلك الورقة على الأرض ,, وأضطر ذلك المحاسب أن يحني ظهره لمدة جاوزت نصف دقيقه في ذلك المكان الضيق ,, لسحب تلك الورقة النقدية التي أصبحت في منطقه بعيده عنه ,, وبعد استطاعته من الإمساك بتلك الورقة النقدية ,, قام با أكمال بقية عمله ,, أخذ المائة ريال ووضعها في الصندوق ,, وأخرج ما تبقى من نقود لتلك السيدة ,, وبدلاُ من أن يضعها في يد السيدة اليمنى الممتده أمامه ,, وضع النقود على الطاولة التي تفصله عن تلك السيدة ,, مما أثار غضب تلك السيدة التي قالت :
السيدة : يا حيوان ليه ما حطيت الفلوس بيدي ؟؟ 
المحاسب : أنا على الأقل حطيتها على الطاولة ,, ماني مثلك رميت الفلوس على الأرض .
السيدة : أقول كل ** (( كلمة قبيحة للغاااااااايه تتكون من حرفين )) ثم أكملت كلامها وقالت : والله لا أربيك يا *** ,, أنا صديقتي أميرة ,, والله لا أخليها تفصلك من وظيفتك وأقطع رزقك .


ثم غادرت تلك السيدة ذلك المكان ,, تاركه خلفها العديد من علامات الاستفهام التي تواجدت على وجوه الأشخاص المتواجدين في ذلك المحل التجاري .

((الموقف هذا حدث لأبن عمي المراهق بسام ,, الذي كان يعمل في إجازة الصيف الماضي في أحد المحلات التجارية الكبيرة في العاصمة ))

يا بني ,, إياك أن تسيء أدبك عندما تشتري شيئاُ ما مع الشخص الذي باعك ذلك الشيء ,, أو أن تسيء أدبك مع شخص أشترى منك شيئاُ وأنت بعته ذلك الشيء با إرادتك .
لا تصبح مثل الذين يقضون أوقاتهم في المطاعم وفي المحلات التجارية يتناقشون عن ارتفاع الأسعار مع العاملين في تلك المحلات ,, أن كانت لديك ملاحظة ما ,, فلتحتفظ بكلامك ,, ولتبحث عن المسئول عن ذلك المطعم أو المحل التجاري ,, ووجه أنتقاداتك على مسامع الشخص المسئول ,, وأن لم يبدي أي تجاوب مع ملاحظاتك وأنتقاداتك ,, فوجهها مع المسئولين المختصين بحماية المستهلك .
لا تصبح مثل الذين يصرخون في وجوه الأجانب التعساء الذين يعملون في المطاعم والمحلات التجارية ,, فهم مجرد عمال ليست بأيديهم سلطة .
وكذلك عند قضائك لأمر في دائرة حكومية ,, كن سمحاُ مع الموظفين ,, وتلمس لهم العذر في حال صدور شيئاُ غير إرادي منهم ,, وتأكد بأن أي شخص موظف يتمنى أن يقوم بعمله على أكمل وجه ,, وأن حصل منه تقصير في عمله ,, حدثه باللين ,, ولا تكن فظاُ وسليط اللسان ,, فأنك تهدم ,, ولست تبني بتلك التصرفات .

وإذا لم يعجبك السعر أو الجودة مثلاُ ,, فأنت لست مضطر للشراء ,, وإذا أبخس شخص ما بضاعة تريد بيعها ,, فأنت لست مجبور على بيع بضاعتك بذلك الثمن البخس ,, وأنت فعلت فلتكن السماحة تعتلي محياك وتصرفاتك .

باختصار : يا بني كن سمحاُ إذا اشتريت,, وسمحاُ إذا اقتضيت ,, وسمحاُ إذا بايعت . 
تنفيذاُ لقول الرسول المصطفى علية الصلاة والسلام ‏(( رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى ‏ ))






















الخميس، 8 سبتمبر 2011

(( ضروسك ,, أهم من دروسك ))


(( ضروسك ,, أهم من دروسك ))


يا بني ,, كم تعلم ,, أو كما سوف تعلم ,, فأن أباك قد أجرى في نهاية العام 2009 عملية جراحية تصنف ضمن العمليات الكبرى والخطيرة ,, وهي عملية تحويل مجرى المعدة ,, وقد عانى أباك كثيراُ في الأيام الخمسة التي تلت العملية ,, وتحمل الآلام  لا يمكن وصفها ,, وأضحى حينها وكأنه خارج من الموت .




كان والدك يعتقد بأن تلك الآلام هي أصعب ما قد يمر عليه طوال حياته ,, ولكنه تناسى بأن هنالك الآلام لا يمكن تحملها ,, لدرجة أنها تجعلك تتمنى الإغماء أو فقدان أحد حواسك على تحمل تلك الآلام .



وعلى حسب ما أخبرني صديقي الدكتور أبو سالم ,, بأن الآلام التي لا يمكن تحملها هي أولاُ الآلام الكلية (( كفانا الله شرها )) وثانياُ الآلام الضرس وخصوصاً مكشوفة الأعصاب ,, وهي ما مررت به قبل أسابيع خلت .



داهمتني تلك الآلام وأنا أشد رحالي إلى دولة الكويت الشقيقة مع أصدقائي ماجد عبدالله وسعود بن ناصر ,, منذ خروجنا من الدمام ,, وحتى وصولنا لمدينة الخفجي المجاورة لدولة الكويت الشقيقة .

لا أستطيع أن أنسى تلك الرحلة المؤلمة والذكرى القاسية ,, فكنت من شدة الألم أتمنى أن أفتح باب السيارة التي كانت تسير 160 كم/ث ,, كنت أتمنى فتح الباب ووضع محياي على الإسفلت ,, وأجعلك ذلك الإسفلت يحرق ضروسي حتى أصبح بلا ضروس ,, وبلا الآلام .


وصلنا الكويت ,, ولم أستطع أداء صلاة ألجمعه بسبب تلك الآلام ,, ولم أستمتع بالصعود إلى الأبراج لأن الآلم حينها أرتفع عالياُ حتى أعتلى بمرارته تلك الأبراج .



ذهبنا إلى احد المجمعات التجارية ((الافينوز)) وكنت أنا بفضل ذلك الضرس نقطة الضعف لأصدقائي ,, لأنني كنت ممسكاُ بخدي الأيمن طوال تواجدنا في ذلك المجمع وكنت كثير التذمر والتشكي ,, حتى قام أحدهم بشراء حبوب مخدرة لألام الضرس ,, ولكنها كانت بدون جدوى بعد أن ابتلعت نصف الحبوب في تلك العلبة .


ومن ثم ذهبت إلى نفس تلك الصيدلية ,, وطلبت منهم مخدر للجسم ,, في محاولة بائسة وأخيرة لطمس وتخدير تلك الآلام ,, حتى لو كانت النتيجة تخدير جسمي كلياُ . 


والحمدلله نجحت المحاولة الأخيرة ,, واستطعت التغلب على تلك الآلام ,, وذلك بعد ما تمكن النوم مني ,, وقضيت ساعتين من وقتنا في ذلك المجمع نائماُ في حضن الأصدقاء كطفل يتيم تعب من كثرة البكاء .


بعد إفاقتي من سباتي ,, ومعرفتي للوقت ,, اعتذرت من أصدقائي على ضياع ساعتين من وقتهم في تبادل أدوار تحمل رأسي الثقيل .


ما أن أرتشفت كوب القهوة حتى عادت الآلام مجدداُ ,, ولم أنزعج كثيراُ هذه المرة لأني أعتدت على تلك الآلام ,, وقررنا العودة للسعودية حتى أستطيع علاج ذلك الضرس ,, الذي جعلنا نمكث في دولة الكويت أقل من سبع ساعات ,, أهدرتها في التشكي والتذمر من ذلك الضرس .


بعد تلك الرحلة ,, كيف تتوقع يا بني أن ينسى والدك أهمية المحافظة على نظافة وسلامة الأسنان ؟؟


في ذلك اليوم وعلى طريق العودة للسعودية من أرض الكويت ,, دارت في بالي عدة أمور أبرزها : 
** من السبب في ما حدث لي ؟؟ هل هو أنا ,, هل هو والدي ,, هل هي والدتي ,, هل هي المدرسة ومعلميها ,, هل هو المجتمع ,, أم هل هي البيئة البدوية التي نشئت في كنفها ؟؟



** تباُ لجميع أنواع الحلوى لأنها كانت السبب في جميع تلك الآلام 



** المغفل مثل والدك هو الذي يضيع ساعتين من وقته في متابعة مباراة في كرة القدم ,, بينما يتناسى ويتكاسل عن تنظيف أسنانه مرتين في اليوم وقد لا تكلفه من الوقت دقيقتين بعد الإستقياظ صباحاُ ,, ومثلها قبل النوم  مساء 



** لو كنت أعلم بأن ألم أعصاب الضرس كذلك الألم الذي شعرت به ,, والله أنا على أتم الاستعداد لتنظيف أسناني خمس مرات في اليوم ,, بشرط أن لا أجرب ذلك الألم مرة أخرى .




الحمدلله قمت بزيارة دكتور الأسنان في اليوم التالي لعودتي من الكويت ,, وأخبرني بأن جميع أسناني في صحة جيدة ,, باستثناء ضرس أستحله السوس ,, حتى باتت الأعصاب التي تقع تحت ذلك الضرس مكشوفة ,, مما أدى لوقوعي في تلك الألام كل ما تناولت شيء ,, أو شممت شيء ,, أو حتى بمجرد فتح فمي للتنفس .


قمت بإصلاح ذلك الضرس ,, ولم أكتفي بذلك بل قمت بنصح جميع أصدقائي بموضوع الاهتمام بالضروس ,, وأصبحت في تلك الفترة مهووس للكشف على سلامة أسنان أصدقائي وأقاربي ,, واكتشفت لسوء الحظ أن أسناني أفضل واسلم من جميع الأسنان التي رأيتها .


أكتب هذا الموضوع وأنا أتذكر تعصر قلبي ألماُ مساء الأمس بعد رؤيتي لوالدتي وهي تتألم بسبب أحد الضروس (المنتهيه) لديها ,, ولقد أعطيتها العذر كل العذر عندما كانت تشكو لي وتطلب مني البحث عن أي مستشفى أسنان مفتوح ,, حتى ولو كانت الساعة عندها تشير للواحدة فجراُ .


لذلك يا بني ,, أنا أعدك بأني سوف أهتم بضروسك أكثر من اهتمامي بدروسك ,, لأنني لا أتمنى أن تعاني من الذي عانيت منه .



عن أذنكم ,, بروح أدلك أسناني ,, لأنه أقترب موعد نومي .

فتكم بعافية 

السبت، 3 سبتمبر 2011

تعريف الانتحار





الانتحار : هو التصرف المتعمد من قبل شخص ما لإنهاء حياته ويرى آخرون أنه قتل النفس تخلصا من الحياة .

هذا هو التعريف العام للانتحار ,, أما التعريف الخاص بي لكلمة الانتحار هو التخلص والابتعاد عن أمر ما إلى مالا نهاية .


مثل أنتحاري من التدخين ,, وأنتحاري من السمنه ,, وأنتحاري من العنصرية ,, وبأذن الله سوف أنتحر من جميع العادات والمفاهيم السلبية التي توجد في قاموسي ,, والتي أكتسبتها من هذا المجتمع المتناقض .

ولأنني مررت بالكثير من التجارب والمواقف في حياتي حتى كتابة هذة الموضوع ,, وكسبت من خلال تلك المواقف والتجارب الكثير من الدروس والحكم ,, أتمنى أن لا يجرب جميع الأحبة تلكم التجارب القاسية المريرة والتي عانيت منها كثيراُ ,, ولا أن يضعوا أنفسهم في مواقف محرجة ومخجلة مررت فيها بسبب تسرعي أو بسبب إهمالي .



ورغم أنني ما زلت أعزب ,, لكنني أحمل بداخلي إيمان بأن أبني عبدالله وأشقائه هم الأحق بأن أهدي لهم مواضيع هذه المدونة ,, وذلك في حال تيسر أموري وفي حال أن رزقني المولى بالأبناء والبنات زينة الحياة الدنيا .



قد يسألني أحدهم : لماذا لا تهدي تلك المواضيع والنصائح إلى والدتك أو والدك ,, أليس هم أقرب الناس إلى قلبك ؟؟



سأجيبهم بأنه من الصعب علي أن أنصح كبير في السن أو أن أحذر كبير في السن من أمر ما ,, وأنا متأكد بأنه لا يملك الوقت لإصلاح ذلك الأمر .

فمن الصعب جداُ أن أقول لوالدي أو لوالدتي (( فرشوا أسنانكم قبل النوم وبعد النوم )) لأنهم يملكون القليل جداُ من الأسنان .

وقيسوا على ذلك الأمر .



قبل الختام أود التذكير بأن المجال مفتوح للجميع بوصفي بالمجنون بسبب إنشائي لهذه المدونة المهداة إلى أبني الذي لم يرى النور بعد ,, ولكن أسأل الله أن يرزقني ويرزقكم بالأبناء الصالحين .


ملاحظة : المواضيع في هذة المدونة ستكون شبه أسبوعيه ,, وسوف أكتب فيها خلال أوقات فراغي ,, أو أوقات الحاجة فقط وستكون أولى مواضيع هذه المدونة يوم الإربعاء القادم بعنوان ((  ضروسك ,, أهم من دروسك ))

حتى ذلك الموعد أستودعكم الله .